الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال الخازن: قوله عزّ وجلّ: {لإيلاف قريش}اختلفوا في هذه اللام، فقيل هي متعلقة بما قبلها وذلك أن الله تعالى ذكر أهل مكة عظيم نعمته عليهم بما صنع بالحبشة، فقال فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش، أي هلك أصحاب الفيل لتبقى قريش، وما ألفوا من رحلة الشتاء والصيف، ولهذا جعل أبي بن كعب هذه السّورة وسورة الفيل واحدة ولم يفصل بينهما في مصحفه ببسم الله الرحمن الرحيم والذي عليه الجمهور من الصحابة وغيرهم، وهو المشهور أن هذه السّورة منفصلة عن سورة الفيل وأنه لا تعلق بينهما وأجيب عن مذهب أبي بن كعب في جعل هذه السّورة، والسورة التي قبلها سورة واحدة بأن القرآن كالسورة الواحدة يصدق بعضه بعضًا ويبين بعضه معنى بعض وهو معارض أيضًا بإطباق الصّحابة، وغيرهم على الفصل بينهما، وأنهما سورتان فعلى هذا القول اختلفوا في العلة الجالبة للام في قوله: {لإيلاف}، فقيل هي لام التعجب، أي اعجبوا الإيلاف قريش رحلة الشّتاء والصّيف، وتركهم عبادة رب هذا البيت، ثم أمرهم بعبادته، فهو كقوله على وجه التعجب اعجبوا لذلك، وقيل هي متعلقة بما بعدها تقديره، فليعبدوا رب هذا البيت لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف، أي ليجعلوا عبادتهم شكرًا لهذه النعمة والإيلاف من ألفت الشيء إلفًا وهو بمعنى الإئتلاف فيكون المعنى لإيلاف قريش هاتين الرحلتين فتتصلا ولا تتقطعا، وقيل هو من ألفت كذا، أي لزمته وألفنيه الله ألزمنيه الله، وقريش هم ولد النضر بن كنانة، فكل من ولده النضر، فهو من قريش، ومن لم يلده النضر، فليس بقرشي عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الناس تبع لقريش في الخير والشر» عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الناس تبع لقريش في هذا الشّأن مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم» عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد هوان قريش أهانه الله» أخرجه التّرمذي وقال حديث حسن غريب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أذقت أول قريش نكالًا، فأذق آخرهم نوالًا» أخرجه التّرمذي وقال حديث حسن صحيح غريب.النكال: العذاب، والمشقة، والشّدة والنّوال: العطاء، والخير، وسموا قريشًا من القرش، والتقريش وهو الجمع، والتكسب، يقال فلان يقرش لعياله، ويقترش لهم، أي يكتسب وذلك لأن قريشًا كانوا قومًا تجارًا وعلى جمع المال، والأفضال حراصًا، وقال أبو ريحانة سأل معاوية عبد الله بن عباس لم سميت قريش قريشًا قال لدابة تكون في البحر هي من أعظم دوابه يقال لها القرش لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته، وهي تأكل ولا تؤكل، وتعلو ولا تعالى، قال وهل تعرف العرب ذلك في أشعارها قال نعم وأنشده شعر الجمحي. وقوله تعالى: {إيلافهم} هو بدل من الأول تفخيمًا لأمر الإيلاف، وتذكيرًا لعظم المنة فيه.{رحلة الشتاء والصيف} قال ابن عباس كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف فأمرهم الله تعالى أن يقيموا بالحرم، ويعبدوا رب هذا البيت، وقال الأكثرون كانت لهم رحلتان في كل عام للتجارة: رحلة في الشتاء إلى اليمن لأنها أدفأ، ورحلة في الصيف إلى الشام، وكان الحرم واديًا مجدبًا لا زرع فيه، ولا ضرع، وكانت قريش تعيش بتجارتهم ورحلتهم، وكانوا لا يتعرض لهم أحد بسوء، وكانوا يقولون قريش سكان حرم الله وولاة بيته وكانت العرب تكرمهم وتعزهم، وتعظمهم لذلك، فلولا الرحلتان لم يكن لهم مقام بمكة ولولا الأمن بجوار البيت لم يقدروا على التصرف، فشق عليهم الاختلاف إلى اليمن والشام، فأخصبت تبالة وجرش من بلاد اليمن، فحملوا الطعام إلى مكة، أهل الساحل حملوا طعامهم في البحر على السفن إلى مكة وأهل البر حملوا على الإبل والحمير فألقى أهل الساحل بجدة وأهل البر بالمحصب وأخصب الشام فحملوا الطعام إلى مكة وألفوا بالأبطح فامتار أهل مكة من قريب، وكفاهم الله مؤنة الرحلتين جميعًا وقال ابن عباس: كانوا في ضر ومجاعة حتى جمعهم هاشم على الرحلتين، فكانوا يقسمون ربحهم بين الغني، والفقير حتى كان فقيرهم كغنيهم، وقال الكلبي: كان أول من حمل السمراء يعني القمح إلى الشام، ورحل إليها الإبل هاشم بن عبد مناف وفيه يقول الشاعر:قوله عزّ وجلّ: {فليعبدوا رب هذا البيت} يعني الكعبة، وذلك أن الإنعام على قسمين.أحدهما: دفع ضر، وهو ما ذكره في سورة الفيل، والثاني جلب نفع، وهو ما ذكره في هذه السّورة، ولما دفع الله عنهم الضّر، وجلب لهم النفع، وهما نعمتان عظيمتان أمرهم بالعبودية، وأداء الشكر، وقيل إنه تعالى لما كفاهم أمر الرّحلتين أمرهم أن يشتغلوا بعبادة رب هذا البيت.فإنه هو {الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف} ومعنى الذي أطعمهم من جوع، أي من بعد جوع بحمل الميرة إليهم من البلاد في البر والبحر، وقيل في معنى الآية أنهم لما كذبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم دعا عليهم، فقال اللّهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف فاشتد عليهم القحط، وأصابهم الجوع، والجهد، فقالوا: يا محمد ادع الله لنا فإنا مؤمنون فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخصبت البلاد، وأخصب أهل مكة بعد القحط، والجهد، فذلك قوله تعالى: {الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}، أي بالحرم وكونهم من أهل مكة حتى لم يتعرض لهم أحد في رحلتهم، وقيل آمنهم من خوف الجذام فلا يصيبهم ببلدهم الجذام، وقيل آمنهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالإسلام والله أعلم. اهـ. .قال النسفي: سورة قريش مكية وهي أربع آيات.بسم الله الرحمن الرحيم{لإيلاف قُرَيْشٍ}متعلق بقوله: {فَلْيَعْبُدُواْ} أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين.ودخلت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط أي إن نعم الله عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة، أو بما قبله أي {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ لإيلاف قُرَيْشٍ} يعني أن ذلك الإتلاف لهذا الإيلاف وهذا كالتضمين في الشعر، وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقا لا يصح إلا به، وهما في مصحف أبيّ سورة واحدة بلا فصل.ويروى عن الكسائي ترك التسمية بينهما، والمعنى أنه أهلك الحبشة الذين قصدوهم ليتسامع الناس بذلك فيحترموهم فضل احترام حتى ينتظم لهم الأمن في رحلتيهم فلا يجترئ أحد عليهم.وقيل: المعنى اعجبوا لإيلاف قريش {لإِلاف قُرَيْشٍ} شامي أي لمؤالفة قريش.وقيل: يقال ألفته ألفًا وإلافًا.وقريش ولد النضر بن كنانة سموه بتصغير القرش وهو دابة عظيمة في البحر تعبث بالسفن ولا تطاق إلا بالنار، والتصغير للتعظيم فسموه بذلك لشدتهم ومنعتهم تشبيهًا بها.وقيل: من القرش وهو الجمع والكسب لأنهم كانوا كسابين بتجاراتهم وضربهم في البلاد {إيلافهم رِحْلَةَ الشتاء والصيف} أطلق الإيلاف ثم أبدل عنه المقيد بالرحلتين تفخيمًا لأمر الإيلاف وتذكيرًا لعظيم النعمة فيه.ونصب الرحلة بـ: {إيلافهم} مفعولًا به وأراد رحلتي الشتاء والصيف فأفرد لأمن الإلباس.وكانت لقريش رحلتان يرحلون في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام، فيمتارون ويتجرون، وكانوا في رحلتيهم آمنين لأنهم أهل حرم الله فلا يتعرض لهم وغيرهم يغار عليهم {فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءامَنَهُم مّنْ خوْفٍ} والتنكير في {جُوعٍ} و{خوْفٍ} لشدتهما يعني أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما، وآمنهم من خوف عظيم وهو خوف أصحاب الفيل، أو خوف التخطف في بلدهم ومسايرهم.وقيل: كانوا قد أصابتهم شدة حتى أكلوا الجيف والعظام المحرقة، وآمنهم من خوف الجذام لا يصيبهم ببلدهم.وقيل: ذلك كله بدعاء إبراهيم عليه السلام. اهـ..قال ابن جزي: سورة قريش:{لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشتاء والصيف}قريش هم حيّ من عرب الحجاز الذين هم من ذرية معد بن عدنان، إلا أنه لا يقال قريشيّ إلا لمن كان من ذرية النضر بن كنانة، وهنم ينقسمون إلى أفخاذ وبيوت نحو بني هاشم، وبني أمية، وبني مخزوم، وغيرهم وإنما سميت القبيلة قريشًا لتقرشهم، والتقرّش التكسب وكانوا تجارًا، وعن معاوية أنه سأل ابن عباس لم سميت قريش قريشًا؟ قال: لدابة في البحر تأكل ولا تؤكل، وتعلوا ولا تعالى، وكانوا ساكنين بمكة، وكان لهم رحلتان في كل عام للتجارة: رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام، وقيل: كان الرحلتان جميعًا إلى الشام، وقيل: كانوا يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل، فيقيمون بها ويرحلون في الشتاء إلى مكة لسكناهم بها، والإيلاف مصدر من قولك آلفت المكان إذا ألفته وقيل: هو منقول منه بالهمزة يقال ألف الرجل الشيء، وألْفه إياه غيره، فالمعنى على القول الأول أن قريشًا ألفوا رحلة الشتاء والصيف، وعلى الثاني أن الله ألّفهم الرحلتين. واختلف في تعلق قوله لإيلاف قريش على ثلاثة أقوال: أحدهما أنه يتعلق بقوله: فليعبدوا والمعنى فليعبدوا الله من أجل إيلافهم الرحلتين فإن ذلك نعمة من الله علهيم: الثاني أنه يتعلق بمحذوف تقديره: أعجبوا لإيلاف قريش: الثالث أنه يتعلق بسورة الفيل، والمعنى أن الله أهلك أصحاب الفيل لإيلاف قريش، فهو يتعلق بقوله: {فَجَعَلَهُمْ} [الفيل: 5] أو بما قبله من الأفعال. ويؤيد هذا أن السورتين في مصحف أبيّ بن كعب سورة واحدة لا فصل بينهما، وقد قرأهما عمر في ركعة واحدة من المغرب، وذكر الله الإيلاف مطلقًا ثم أبدل منه الإيلاف المقيّد بالرحْلتين تعظيمًا للأمر، ونصب رحلة لأنه مفعول بإيلافهم وقال: رحلة وأراد رحلتين، فهو كقول الشاعر:{فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت} هذا إقامة حجة عليهم بملاطفة واستدعاء لهم وتذكير بالنعم، والبيت هو المسجد الحرام {الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ} يحتمل أن يريد إطعامهم بسبب الرحتلين، فقد روي أنهم كانوا قبل ذلك في شدة وضيق حال حتى أكلوا الجيف ويحتمل أن يريد إطعامهم على الإطلاق، فقد كان أهل مكة ساكنين بواد غير ذي زرع، ولكن الله أطعمهم مما يجلب إليهم من البلاد، بدعوة أبيهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو قوله: {وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات} [البقرة: 126] {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} يحتمل أن يريد: آمنهم من خوف أصحاب الفيل، ويحتمل أن يريد آمنهم في بلدهم بدعوة إبراهيم في قوله: {رَبِّ اجعل هذا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: 126] وقد فسرناه في موضعه، أو يعني آمنهم في أسفارهم لأنهم كانوا في رحلتهم آمنين، لا يتعرض لهم أحد بسوء، وكان غيرهم من الناس تؤخذ أموالهم وأنفسهم.وقيل: آمنهم من الجذام فلا يرى بمكة مجذومًا.قال الزمخشري: التنكير في جوع وخوف؛ لشدتهما. اهـ. .قال البيضاوي: سورة قريش مكية، وآيها أربع آيات.بسم الله الرحمن الرحيم{لإيلاف قُرَيْشٍ}متعلق بقوله: {فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت} والفاء لما في الكلام من معنى الشرط، إذ المعنى أن نعم الله عليهم لا تحصى فإن لم لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لأجل:{إيلافهم رِحْلَةَ الشتاء والصيف} أي الرحلة في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام فيمتارون ويتجرون، أو بمحذوف مثل أعجبوا أو بما قبله كالتضمين في الشعر أي {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ} {لإيلاف قُرَيْشٍ}، ويؤيده أنهما في مصحف أُبيَّ سورة واحدة، وقرئ: {ليألف قريش إلفهم رحلة الشتاء}، وقريش ولد النضر بن كنانة منقول من تصغير قرش، وهو دابة عظيمة في البحر تعبث بالسفن فلا تطاق إلا بالنار، فشبهوا بها لأنها تأكل ولا تؤكل، وتعلو ولا تعالى، وصغر الاسم للتعظيم وإطلاق الإِيلاف، ثم إبدال المقيد عنه للتفخيم.وقرأ ابن عامر {لئلاف} بغير ياء بعد الهمزة.{فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ} أي بالرحلتين والتنكير للتعظيم، وقيل المراد به شدة أكلوا فيها الجيف والعظام.{وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} أصحاب الفيل أو التخطف في بلدهم ومسايرهم، أو الجذام فلا يصيبهم ببلدهم.عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة لإيلاف قريش أعطاه الله عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها». اهـ..قال أبو حيان: سورة قريش:{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)}وقرأ الجمهور: {لإيلاف قريش}، مصدر آلف رباعيًا؛ وابن عامر: لالاف على وزن فعال، مصدر ألف ثلاثيًا.يقال: ألف الرجل الأمر إلفًا وإلافًا، وآلفه غيره إياه إيلافًا، وقد يأتي ألف متعديًا لواحد كإلف، قال الشاعر:ولم يختلف القراء السبعة في قراءة إيلافهم مصدرًا للرباعي.وروي عن أبي بكر، عن عاصم أنه قرأ بهمزتين، فيهما الثانية ساكنة، وهذا شاذ، وإن كان الأصل أبدلوا الهمزة التي هي فاء الكلمة لثقل اجتماع همزتين، ولم يبدلوا في نحو يؤلف على جهة اللزوم لزوال الاستثقال بحذف الهمزة فيه، وهذا المروي عن عاصم هو من طريق الشمني عن الأعشى عن أبي بكر.وروى محمد بن داود النقار عن عاصم: إإيلافهم بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء ساكنة ناشئة عن حركة الهمزة الثانية لما أشبع كسرتها، والصحيح رجوع عاصم عن الهمزة الثانية، وأنه قرأ كالجماعة.وقرأ أبو جعفر فيما حكى الزمخشري: لإلف قريش؛ وقرأ فيما حكى ابن عطية الفهم.قال الشاعر: جمع بين مصدري ألف الثلاثي.وعن أبي جعفر وابن عامر: إلا فهم على وزن فعال.وعن أبي جعفر وابن كثير: إلفهم على وزن فعل، وبذلك قرأ عكرمة.وعن أبي جعفر أيضًا: ليلاف بياء ساكنة بعد اللام اتبع، لما أبدل الثانية ياء حذف الأولى حذفًا على غير قياس.وعن عكرمة: ليألف قريش؛ وعنه أيضًا: لتألف قريش على الأمر، وعنه وعن هلال بن فتيان: بفتح لام الأمر، وأجمعوا هنا على صرف قريش، راعوا فيه معنى الحي، ويجوز منع صرفه ملحوظًا فيه معنى القبيلة للتأنيث والعلمية.قال الشاعر: جعله اسمًا للقبيلة سيبويه في نحو معد وقريش وثقيف، وكينونة هذه للإحياء أكثر، وإن جعلتها اسمًا للقبائل فجائز حسن.وقرأ الجمهور: {رحلة} بكسر الراء؛ وأبو السمال: بضمها، فبالكسر مصدر، وبالضم الجهة التي يرحل إليها، والجمهور على أنهما رحلتان.فقيل: إلى الشام في التجارة ونيل الأرباح، ومنه قول الشاعر: وقال ابن عباس: رحلة إلى اليمن، ورحلة إلى بصرى.وقال: يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل، ويرحلون في الشتاء إلى مكة للتجارة وسائر أغراضهم.وقال الزمخشري: وأراد رحلتي الشتاء والصيف، فأفرد لأمن الإلباس، كقوله: انتهى، وهذا عند سيبويه لا يجوز إلا في الضرورة، ومثله: يريد: بطني الواديين، أنشده أصحابنا على الضرورة.وقال النقاش: كانت لهم أربع رحل.قال ابن عطية: وهذا قول مردود.انتهى، ولا ينبغي أن يرد، فإن أصحاب الإيلاف كانوا أربعة إخوة وهم: بنو عبد مناف هاشم، كان يؤلف ملك الشام، أخذ منه خيلًا، فأمن به في تجارته إلى الشام، وعبد شمس يؤلف إلى الحبشة؛ والمطلب إلى اليمن؛ ونوفل إلى فارس.فكان هؤلاء يسمون المجبرين، فتختلف تجر قريش إلى الأمصار بحبل هؤلاء الإخوة، فلا يتعرض لهم.قال الأزهري: الإيلاف شبه الإجارة بالخفارة، فإذا كان كذلك جاز أن يكون لهم رحل أربع، باعتبار هذه الأماكن التي كانت التجار في خفارة هؤلاء الأربعة فيها، وفيهم يقول الشاعر يمدحهم: فتكون رحلة هنا اسم جنس يصلح للواحد ولأكثر، وإيلافهم بدل من {لإيلاف قريش}، أطلق المبدل منه وقيد البدل بالمفعول به، وهو رحلة، أي لأن ألفوا رحلة تفخيمًا لأمر الإيلاف وتذكيرًا بعظيم النعمة فيه.{هذا البيت}: هو الكعبة، وتمكن هنا هذا اللفظ لتقدم حمايته في السورة التي قبلها، ومن هنا للتعليل، أي لأجل الجوع.كانوا قطانًا ببلد غير ذي زرع عرضة للجوع والخوف لولا لطف الله تعالى بهم، وذلك بدعوة إبراهيم عليه السلام.قال تعالى: {يجبى إليه ثمرات كل شيء} {وآمنهم من خوف}: فضلهم على العرب بكونهم يأمنون حيث ما حلوا، فيقال: هؤلاء قطان بيت الله، فلا يتعرض إليهم أحد، وغيرهم خائفون.وقال ابن عباس والضحاك: {ىمنهم من خوف}: معناه من الجذام، فلا ترى بمكة مجذومًا.قال الزمخشري: والتنكير في جوع وخوف لشدتهما، يعني أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما، وآمنهم من خوف عظيم، وهو خوف أصحاب الفيل، أو خوف التخطف في بلدهم ومسايرهم.وقرأ الجمهور: {من خوف}، بإظهار النون عند الخاء، والمسيبي عن نافع: بإخفائها، وكذلك مع العين، نحو من على، وهي لغة حكاها سيبويه.وقال ابن الأسلت يخاطب قريشًا: . اهـ.
|